responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 40
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ رَأَيْتَ سُنْبُلَةً فِيهَا مِائَةُ حَبَّةٍ حَتَّى يُضْرَبَ الْمَثَلُ بِهَا؟.
قُلْنَا: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ إِنْسَانٌ يَطْلُبُ الزِّيَادَةَ وَالرِّبْحَ أَنَّهُ إِذَا بَذَرَ حَبَّةً وَاحِدَةً أَخْرَجَتْ لَهُ سَبْعَمِائَةِ حَبَّةٍ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَلَا التَّقْصِيرُ فِيهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِمَنْ طَلَبَ الْأَجْرَ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ عَشْرَةٌ وَمِائَةٌ، وَسَبْعُمِائَةٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَعْقُولًا سَوَاءٌ وُجِدَ فِي الدُّنْيَا سُنْبُلَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ كَانَ الْمَعْنَى حَاصِلًا مُسْتَقِيمًا، وَهَذَا قَوْلُ الْقَفَّالِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ شُوهِدَ ذَلِكَ فِي سُنْبُلَةِ الْجَاوَرْسِ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِي غَايَةِ الرَّكَاكَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يُدْغِمُونَ التَّاءَ فِي السِّينِ فِي قَوْلِهِ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ لِأَنَّهُمَا حَرْفَانِ مَهْمُوسَانِ، وَالْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ عَلَى الْأَصْلِ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ كَمِّيَّةِ تِلْكَ الْمُضَاعَفَةِ، وَلَا بَيَانُ مَنْ يُشَرِّفُهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْمُضَاعَفَةِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ أَنَّهُ تَعَالَى يُضَاعِفُ لِكُلِّ الْمُتَّقِينَ، وَيَجُوزَ أَنْ يُضَاعِفَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ إِنْفَاقُهُ أَدْخَلَ فِي الْإِخْلَاصِ، أَوْ لِأَنَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ يَجْعَلُ طَاعَتَهُ مَقْرُونَةً بِمَزِيدِ الْقَبُولِ وَالثَّوَابِ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ واسِعٌ أَيْ وَاسِعُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُجَازَاةِ عَلَى الْجُودِ وَالْإِفْضَالِ عَلَيْهِمْ، بِمَقَادِيرِ الْإِنْفَاقَاتِ، وَكَيْفِيَّةِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَصِرْ عَمَلُ الْعَامِلِ ضَائِعًا عند الله تعالى.

[سورة البقرة (2) : آية 262]
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَظُمَ أَمْرُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَتْبَعَهُ بِبَيَانِ الْأُمُورِ الَّتِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا حَتَّى يَبْقَى ذَلِكَ الثَّوَابُ، مِنْهَا تَرْكُ الْمَنِّ وَالْأَذَى ثُمَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَمَّا عُثْمَانُ فَجَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِأَلْفِ بَعِيرٍ بِأَقْتَابِهَا وَأَلْفِ دِينَارٍ،
فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ عُثْمَانُ رَضِيتُ عَنْهُ فَارْضَ عَنْهُ،
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَإِنَّهُ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مَالِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ بِمَنْ أَنْفَقَ عَلَى غَيْرِهِ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْغَيْرِ إِنَّمَا يُوجِبُ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ إِذَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِمَنٍّ وَلَا أَذَى قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا أَيْضًا فِيمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ هُوَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْضُرَ الْجِهَادَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ ابْتِغَاءً لِمَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَمُنَّ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لَوْ لَمْ أَحْضُرْ لَمَا تَمَّ هَذَا الْأَمْرُ، وَيَقُولَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ ضَعِيفٌ بَطَّالٌ لَا مَنْفَعَةَ مِنْكَ فِي الْجِهَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمَنُّ فِي اللُّغَةِ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا: بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ، يُقَالُ: قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى فُلَانٍ، إِذَا أَنْعَمَ، أَوْ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنَّةٌ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الأنباري:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست